هل الأمراض النفسية لا شفاء منها؟
هل الأمراض النفسية لا شفاء منها؟
إعتاد الناس في مجالسهم حينما يكون بين الحضور طبيب أن يدور الحوار حول بعض الأمراض، وعن الجديد الذي توصل إليه الطب،
ويتسابق الحضور بكل جرأة، وبمسمع من الجميع في الاستفسار الدقيق عمَّا يعانونه وذووهم من أمراض، فالأول يشكو من مرض السكر
الذي أرهق أمه، والثاني يشكو من ارتفاع ضغط الدم الذي أصاب أباه بجلطة دماغية، والثالث، والرابع.. إلخ. وفي المقابل فإن الناس لا يفعلون
الشيء نفسه فيما يخص الأمراض النفسية، وإذا تحدثوا عنها فإن الحديث يدور غالباً على سبيل الاستغراب والسخرية!!
والعجيب في الأمر أن بعض من أصيبوا بأحد الأمراض النفسية، أو أصابت أحداً من ذويهم ثم منّ الله عليهم بالشفاء، فإنهم لا يتحدثون بذلك
عند الناس تفادياً لتلك النظرة الدونية التي ربما ينظر بها بعض الناس إليهم!!، بل الأعجب من ذلك أن بعضاً من أولئك ينتقد العلاج النفسي
بشكل مبالغ فيه، في حين أنه كان من المفترض أن يحدث العكس.
ونلاحظ بأنه أهون على المريض وذويه أن يعترفوا بأن ما اعتراهم من علل نفسية إنما كان بسبب الجن، أو السحر، أو العين وليست أمراضاً
نفسية، وذلك لأنهم يرون أن تلك الأمور الغيبية إنما حدثت بفعل فاعل قد تعدى عليهم، مما يعطيهم الحق في المعاناة. أما الاعتراف بالمرض
النفسي فمعناه عندهم الاعتراف بالنقص والقصور , وتبعاً لذلك فإن الناس لا يسمعون ولا يرون أي نتائج إيجابية للعلاج النفسي،
لأن من استفادوا من العلاج النفسي يتجنبون الحديث عنه , فضلاً عن أن بعضهم ربما ينتقدونه.
ولذلك فإن من يراهم الناس من المرضى النفسانيين هم فقط تلك الفئة من المرضى الذين لم يستجيبوا للعلاج النفسي، أو أنهم يعانون
بعض الأمراض النفسية المزمنة التي تتحكم فيها الأدوية دون أن تشفيها تماماً، أو أنهم لم ينشدوا العلاج النفسي أصلاً.
ولو نظرنا إلى الأمراض غير النفسية ـ باستثناء الالتهابات البكتيرية والفطرية والأمراض التي تُعالَجُ بالجراحة ـ لوجدنا أن الحال لا يختلف
كثيراً عن الأمراض النفسية. فأغلب تلك الأمراض ليس لها علاج شاف، بل هي مهدئات ومسكنات تتحكم في المرض دون أن تنهيه،
كأدوية السكر والضغط وأمراض القلب، وغيرها كثير، بل إن المريض يتدهور تدريجيًّا مع أنه مستمر في استخدام تلك العقاقير.
فلماذا الكيل بمكيالين، والنظر بعينين؟ فلا يتذكر بعض الناس تلك الأمراض النفسية التي كتب الله الشفاء لمن أصيبوا بها، ويرددون
ويكررون أن الأمراض النفسية مزمنة لا شفاء منها، دون أن يفعلوا الشيء نفسه مع الأمراض الأخرى!!، فيصدق فيهم قول الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولعلي أضرب هنا مثالاً واحداً فقط بأحد الأمراض النفسية، وهو الوسواس القهري الذي يعانيه عدد ليس بالقليل من الناس.
فهذا المرض لا يعلم أكثر الناس أن بعض حالاته تستجيب للعلاج النفسي، بل إن بعضهم لا يدري أن هناك مرضاً نفسيًّا اسمه الوسواس القهري!.
ويمكن أن يكون لبعض المعالجين بالقرآن دور كبير في نمو هذا الاعتقاد في أذهان الناس، لما يرددونه من أن بعض المرضى ـحسب خبرتهم ـ
قد شفاهم الله بالقرآن، ولم يشفوا في المستشفيات.
ولذلك فإنه يجب أن نتذكر عدة أمور:
ـ أن الأمر نفسه يردده بعض المعالجين النفسيين. فهناك العديد من المرضى قد أنفقوا عدة سنوات في السفر والترحال بين المعالجين بالقرآن
دون فائدة، وعندما راجعوا المعالجين النفسيين تحسنت أحوالهم، بل ربما شفيت أمراضهم تماماً. وعلينا أن نتذكر أن من نزل القرآن هو الذي
خلق العلاج بأنواعه، ويجعل بركته حيث يشاء، ولذلك فلا صحة لما يردده بعض المرضى أن عللهم لم يشفها القرآن فكيف تشفى بالعلاج
النفسي. وكذلك أيضاً لا صحة للاعتقاد الشائع بأنه لا يمكن الجمع بين العلاج بالقرآن والعلاج النفسي لأنهما متضادان ـ كما يظنون ـ مع أنه في
الحقيقة هو الأسلوب العلاجي الأمثل كما أشار لذلك الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ بقوله (بالمركب من الأمرين) يعني العلاج بالأدوية والأدعية.
ـ لا غرابة مطلقاً في أن يُشْفَى المريض بالقرآن، ولا يُكْـتب له الشفاء بالعلاج النفسي.
ـ عدم شفاء المريض بالعلاج النفسي لا يدل بالضرورة على أن ما به بسبب الجن أو العين أو السحر، فما أكثر الأمراض النفسية والعضوية التي
يجهلها البشر، فمنّ الله على بعض من خلقه وشفاهم منها ببركة القرآن. كما أنه ليس شرطاً أن يُشفى كلُّ من عانى تلك العلة بالقرآن.
ويتسابق الحضور بكل جرأة، وبمسمع من الجميع في الاستفسار الدقيق عمَّا يعانونه وذووهم من أمراض، فالأول يشكو من مرض السكر
الذي أرهق أمه، والثاني يشكو من ارتفاع ضغط الدم الذي أصاب أباه بجلطة دماغية، والثالث، والرابع.. إلخ. وفي المقابل فإن الناس لا يفعلون
الشيء نفسه فيما يخص الأمراض النفسية، وإذا تحدثوا عنها فإن الحديث يدور غالباً على سبيل الاستغراب والسخرية!!
والعجيب في الأمر أن بعض من أصيبوا بأحد الأمراض النفسية، أو أصابت أحداً من ذويهم ثم منّ الله عليهم بالشفاء، فإنهم لا يتحدثون بذلك
عند الناس تفادياً لتلك النظرة الدونية التي ربما ينظر بها بعض الناس إليهم!!، بل الأعجب من ذلك أن بعضاً من أولئك ينتقد العلاج النفسي
بشكل مبالغ فيه، في حين أنه كان من المفترض أن يحدث العكس.
ونلاحظ بأنه أهون على المريض وذويه أن يعترفوا بأن ما اعتراهم من علل نفسية إنما كان بسبب الجن، أو السحر، أو العين وليست أمراضاً
نفسية، وذلك لأنهم يرون أن تلك الأمور الغيبية إنما حدثت بفعل فاعل قد تعدى عليهم، مما يعطيهم الحق في المعاناة. أما الاعتراف بالمرض
النفسي فمعناه عندهم الاعتراف بالنقص والقصور , وتبعاً لذلك فإن الناس لا يسمعون ولا يرون أي نتائج إيجابية للعلاج النفسي،
لأن من استفادوا من العلاج النفسي يتجنبون الحديث عنه , فضلاً عن أن بعضهم ربما ينتقدونه.
ولذلك فإن من يراهم الناس من المرضى النفسانيين هم فقط تلك الفئة من المرضى الذين لم يستجيبوا للعلاج النفسي، أو أنهم يعانون
بعض الأمراض النفسية المزمنة التي تتحكم فيها الأدوية دون أن تشفيها تماماً، أو أنهم لم ينشدوا العلاج النفسي أصلاً.
ولو نظرنا إلى الأمراض غير النفسية ـ باستثناء الالتهابات البكتيرية والفطرية والأمراض التي تُعالَجُ بالجراحة ـ لوجدنا أن الحال لا يختلف
كثيراً عن الأمراض النفسية. فأغلب تلك الأمراض ليس لها علاج شاف، بل هي مهدئات ومسكنات تتحكم في المرض دون أن تنهيه،
كأدوية السكر والضغط وأمراض القلب، وغيرها كثير، بل إن المريض يتدهور تدريجيًّا مع أنه مستمر في استخدام تلك العقاقير.
فلماذا الكيل بمكيالين، والنظر بعينين؟ فلا يتذكر بعض الناس تلك الأمراض النفسية التي كتب الله الشفاء لمن أصيبوا بها، ويرددون
ويكررون أن الأمراض النفسية مزمنة لا شفاء منها، دون أن يفعلوا الشيء نفسه مع الأمراض الأخرى!!، فيصدق فيهم قول الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولعلي أضرب هنا مثالاً واحداً فقط بأحد الأمراض النفسية، وهو الوسواس القهري الذي يعانيه عدد ليس بالقليل من الناس.
فهذا المرض لا يعلم أكثر الناس أن بعض حالاته تستجيب للعلاج النفسي، بل إن بعضهم لا يدري أن هناك مرضاً نفسيًّا اسمه الوسواس القهري!.
ويمكن أن يكون لبعض المعالجين بالقرآن دور كبير في نمو هذا الاعتقاد في أذهان الناس، لما يرددونه من أن بعض المرضى ـحسب خبرتهم ـ
قد شفاهم الله بالقرآن، ولم يشفوا في المستشفيات.
ولذلك فإنه يجب أن نتذكر عدة أمور:
ـ أن الأمر نفسه يردده بعض المعالجين النفسيين. فهناك العديد من المرضى قد أنفقوا عدة سنوات في السفر والترحال بين المعالجين بالقرآن
دون فائدة، وعندما راجعوا المعالجين النفسيين تحسنت أحوالهم، بل ربما شفيت أمراضهم تماماً. وعلينا أن نتذكر أن من نزل القرآن هو الذي
خلق العلاج بأنواعه، ويجعل بركته حيث يشاء، ولذلك فلا صحة لما يردده بعض المرضى أن عللهم لم يشفها القرآن فكيف تشفى بالعلاج
النفسي. وكذلك أيضاً لا صحة للاعتقاد الشائع بأنه لا يمكن الجمع بين العلاج بالقرآن والعلاج النفسي لأنهما متضادان ـ كما يظنون ـ مع أنه في
الحقيقة هو الأسلوب العلاجي الأمثل كما أشار لذلك الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ بقوله (بالمركب من الأمرين) يعني العلاج بالأدوية والأدعية.
ـ لا غرابة مطلقاً في أن يُشْفَى المريض بالقرآن، ولا يُكْـتب له الشفاء بالعلاج النفسي.
ـ عدم شفاء المريض بالعلاج النفسي لا يدل بالضرورة على أن ما به بسبب الجن أو العين أو السحر، فما أكثر الأمراض النفسية والعضوية التي
يجهلها البشر، فمنّ الله على بعض من خلقه وشفاهم منها ببركة القرآن. كما أنه ليس شرطاً أن يُشفى كلُّ من عانى تلك العلة بالقرآن.