المدونة

لماذا يشعر بعض الناس بالنقص؟
ترى بعض البشر وقد وُلد وملاعق الذهب وماء الذهب في فمه، درس أرقى الشهادات، ويسكن أجمل المنازل، ويركب أجمل السيارات، وتزوج بامرأة حسناء طيبة، ظروفه كلها جيدة، ولكنه يشعر بالنقص، وما بال بعض الناس لم تتوفر لها تلك الأمور بل توفر النقيض ومع ذلك يشعر بالنقص، هل الشعور بالنقص، ينطلق من الإمكانيات التي تملكها من أمور الحياة؟ أم أنه من أمر آخر؟ هو من أمر آخر، ما هو الأمر الآخر؟

هو في تصوّرك لنفسك، ومن أين جاء ذلك التصور؟ من تقبلك لنفسك، بعض الناس لا يتقبل نفسه ابتداءً، فلذلك كل شيء يمتلكه يستنقصه، لماذا؟ لأن لديه نظرة دونية لذاته، فيستنقص كل شيء يرتبط بها، أما ذلك الآخر، الذي يرى نفسه مطمئنًا لها، أو ربما بنكهة نرجسية،  فإنه فإنه يرى نفسه أكبر من سواه، لا ننادي بالغرور، ولكنا ننادي بتقبل النفس الذي يجعل الإنسان في حالة مطمئنة مع ذاته، ولذلك يتعامل مع إمكانياته الحياتية، من زوج وسيارة وبيت، يتعامل معها أنها معطيات إضافية ولكنها ليست بالأساسية، كلما ارتفعت درجة الرضا عن النفس.
كيف ترتفع درجة الرضا؟ كلما ارتفعت درجة الطموح، كيف يرتفع درجة الطموح؟

نبحث عن تلك البيضة التي أدت إلى تلك الدجاجة، قلنا كلما ارتفع الرضا كيف؟ كلما ارتفع الطموح، كلما ارتفع الطموح كلما ارتفع القيم، ما هي القيم؟

القيم التي تربطها بذاتك، القيم التي لها معنى أعلى من ذاتك، هي التي تعطيك رضا عن نفسك، وتعطيك طمأنينة وتعيطك تقبلًا لنفسك، ما هي قيمي؟

أبحث عن القيم التي تعني لك ولا تبحث عن القيم التي تعني لغيرك من البشر وإن كانت رائعة، كلما ربطت نفسك بالقيم العالية في تعريفك، كلما حافظت على نفسك عليا محترمة، لا منتفخة مغرورة، وبذلك هناك وقاية عالية من الصدمات، تأتيك صدمات الحياة فتبتسم بنظرات الحياة فتبتسم بالنظر إليها لأن البسمة جاءت من الطمأنينة، والبسمة جاءت من الرضا، جاءت من الراحة التي صنعتها في أيام مبكرة من حياتك، إن صنعها والداك من خلال الثقة بالنفس في طفولتك، وإن لم يصنعوها فيمكنك أخي المراهق أخي الشاب أختي الشابة أن تدركها مرة أخرى، بمناهج وتدريبات معينة، أركز عن البحث على القيم، ما القيم التي أمثلها أنا وتعنيني أنا؟ وأرفع من تلك القيم وأربط نفسي بتلك القيم، فإن نزلت نفسي مسكتني القيم، ورفعتها وحافظت عليها، ومكنتها فاستطاع الإنسان أن يحقق راحة وطمأنينة ما كان ليجدها لو لم يبحث عن القيم التي تمثله.

إشكالية كثير من الناس أنه يستنسخ قيم البشر ويحاول أن يعيش دورهم، ويحاكيهم وأن يقلدهم وهنا تكون المشكلة، وهنا يقع عدم الرضا، وهنا تكون الازمة، ومن هنا يبدأ الشعور بالنقص يظهر على ذلك الإنسان، قد يظهر على شكل شخصية تجنبيّة، وهي شخصية ناقصة الثقة منذ الطفولة ناقصة الثقة، أو يظهر أحيانا على شكل الرهاب الاجتماعي، الذي ترتكب فرائسه، ويخفق قلبه، وتتعرق أطرافه، وتبرد وينشف ريقه كلما قابل مجموعة من البشر، هذا اللونان أو ربما العلتان الأكثر انتشارًا في إشكالية نقص الثقة، تأتي أحيانا وربما تزداد فتصبح أمراض تحتاج إلى جلسات العلاج المعرفي، وللأسف أنه في حالتها الشديدة من الضرورة استخدام الدواء.